الدولة أندونيسيا دولة كبيرة وشعبها أيضا شعب كبير. في أرضها
تكمن الثروات الكثيرة والهائلة برا وبحرا من الغابات والجبال والمعادن والأسماك
وللؤلؤ والدرر والتحف والجواهر وغير ذلك من الثروات التى أحبّها الإنسان. لكن من
العسف الشديد، الثروة الكثيرة لا توافق مع رفاهية سكّانها. نجد تبايُنا واضحا بين
الثروة الهائلة والرفاهية القليلة بالنسبة إلي سكّانها. نحن كالشعب والأمة أنستطيع
أن نحقِّق الرفاهية في جميع نواح الحياة؟ كقوله تعالى: بلدة طيبة ورب غفور(سبأ:
15). بالحقيقة كل ما نملك من الثروات الهائلة ستفضي إلي رفاهيتنا ومصلحتنا إذا
أديرت بمدير صالح وإيمان راسخ وعمل صالح. فصلاحية الفرد وإيمانه وعمله الصالح من
أسباب نجاح تحقيق الرفاهية التى عبّرها القرآن الكريم بحياة طيبة. قال تعالى: مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النحل:
97).
إذا نظرنا إلي واقعنا الحاضر قلّما نجد الإمام العادل والصالح.
فكل رئيس – في كثير من الأحيان - يدعي بأنه رئيس عادل ومهتم بمشاكل الشعب لكن
يتناقض مع الواقع. انتشرت الرشوة في جميع الجوانب. أقيمت الحدود علي المستضعفين
فحسب، أما الغني لا يمسه الحكم. ضيعت الأمانات في كل بقاع الشؤون الإدارية. إن
كثيرا من الناس لا يستحي عن معاملة الرشوة لتحقيق المراد. مع كل ما أصاب الشعب من
المصائب لا ينبّه بالهم فهم يبقون على شاكلتهم الأولى، لايبال النصائح؛ ولايتذكر
بعواقب الأمور. ألم يسمع الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ -يَعْنِي
الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا-
(أحمد)؟.
ألم يصغي الإنسان إلى قول النبي: فَإِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ
قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ
السَّاعَةَ (البخاري)؟ وقوله أيضا: أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ قَالَ عُرْوَةُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ قَالَ أُسَامَةُ اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللهِ خَطِيبًا فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رواه البخاري).
مع كل ما وقع وحدث في الحياة فمازلنا متفائلين. نحن كالشعب لا
يجوز أن نكون متشائما تجاه الواقع. إذا كنا نريد أن نملك رئيسا عادلا فعلينا
بإقامة العدل في نفسنا وأسرتنا وبيئاتنا. ابدأ بنفسك! تنَلِ النجاح. لا تتركز
عنايتك إلي الانتخابات العامة! لا تنخدع إلي أحلاف الرئيس! أقِمِ العدل في نفسك! تجدِ
العدل في حياتك .كن صالحا ومصلحا! لاتعلِّقْ أحلامك إلي الرئيس! بل الله الصمد.
إذا كنت لا تستطيع أن تكون صالحا ومصلحا فلا تكن فاسدا ومفسدا. لا تزد في الأرض
فسادا. المشاكل المتراكمة التي عاناها الشعب –إن شاء الله- لا تمر طويلا. قد بدت
طلائع النجاح نحو الدولة المتحضرة. من طلائع النجاح ماتلي: 1. طموحات الشباب
القوية على تحقيق دولة عادلة 2. انطلاق الشعوب من العلمانية إلى الدينية 3. الثروة
المكتمنة في الأرض 4. الجهود الدائب لدى كثير من الناس الصادق 5. دور وسائل
الإعلام في توعية الشعوب 6. حركات التغير
لدى الجمهور التى تتزايد على مر العصور. وأخيرا -بصدد الموضوع الذي تكلمنا آنفا-،
نحن نحتاج إلي رئيس قوي، وعادل، وذي المهابة، ومهتم بشؤون الرعية، والحازم،
والذكي، وقريب بالرعية، وجعل كل إهتمامه لتحقيق مصالح الأمة نحو دولة كبيرة ودولة
متحضرة تجاه جميع الأمم.
0 komentar:
Speak up your mind
Tell us what you're thinking... !